ثنائية الإسلامي - العلماني
إن الشرخ بين العلماني والإسلامي كبير جدا، لكن اللهث وراء السلطة يعتبر النقطة الوحيدة التي تبيّن أن التيارين متشابهان لأن هدفهما واحد هو بلوغ سدة الحكم والسيطرة على مراكز القرار رغم كل الاختلافات الجوهرية بينهما. ولا يخفى على أحد أن مركز التوافق بين الإسلاميين والعلمانيين هو البحث عن طرق تحويل مشروعهما إلى واقع باستعمال الأداة ذاتها وهي السلطة رغم اختلاف مرتكزات الاثنين، فالإسلامي يركّز على الشريعة للتغيير، والعلماني يتبنى الحداثة حصانا يمتطيه للإعلاء إلى السلطة. ولا يعير التياران اهتماما للمجتمع بمختلف أطيافه، توجهاته ومطالبه السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بل تشتد المنافسة بينهما في اللحظة السياسية الهامة التي تعرفها البلاد، حيث يحاول الطرفان تقاسم المنافع بشكل يناسبهما مع التركيز على إقصاء «المتطرفين» من المشاركة في صناعة المشهد الجديد، بينما تبقى الشريعة الإسلامية أداة للصراع بينهما طيلة المسار إلى السلطة، فالإسلامي يلعب على وتر تكريس الشريعة في الدستور وجعلها من الثوابت الوطنية، والعلماني يخرج ورقة عالمية حقوق الإنسان وحرية العقيدة، وينتقد أداء الوزارات الإسلامية في الحكومات السابقة، وفي كلتا الحالتين هناك مزج بين الدين والمصالح السياسية. ولهذا، تبدو جليا - وبصفة متكررة مع اقتراب أي موعد انتخابي في الجزائر - صعوبة التعايش العلماني الإسلامي، ويطفو الصراع بسبب الخوف والتوجس من العملية الانتخابية ونتائجها في مشهد يوحي بعدم انخراط الأحزاب في قواعد اللعبة السياسية بشكل صحي يضمن التوجه للصندوق بروح المنافسة الشريفة. وستكون التشريعيات المسبقة المنتظرة خلال أشهر فرصة سانحة للجميع لدخول غمار الانتخابات ببرامج سياسية تستهدف إقناع الوعاء الانتخابي وكسب رهان الأصوات بعيدا عن استغلال الخطابات السابقة.
بقلم : فريدة حسين