المشرقات في عيدهن
قال سقراط: «انتهت مسرحية الرجال وآت الآن دور النساء بما فيه الكفاية»... منذ نطق أشهر فيلسوف عبر العصور بهذه المقولة تحوّلت النظرة إلى المرأة على أنها رديف للجسد ونقيض للعقل تتحصّن بثوب الدين والقداسة عند فلاسفة اليونان من أفلاطون وأرسطو، وتحررت كي تتبوأ مكانتها جنبا إلى جنب من الرجل حتى تمكنت «أسباسيا» المرأة اللاتينية من لعب دور بارز في السياسة بل ذُكرت في محاورة أفلاطون، وبعدها «ديموتيا» معلمة سقراط وصولا إلى أسبرطة التي أقحمت المرأة في خوض الحروب. دور النساء في الحياة ليس كمّا يُقاس، إنه النوع الذي لا وحدة له، إنها حواء التي استثمرت على مرّ التاريخ استحقاقها الذاتي، فرأت في نفسها أهدافا بإمكانها تحقيقها بالاعتماد على نفسها ليس بلعب أوراق الحظ بل بالشمر على السواعد والنبش في الأرض بما أوتيت من قوة وعزيمة وإرادة، لأنها الحالمة القوية بقدر رهفها وحنيّتها، إنها المرأة المعادلة في الجمع بين الأضداد المشكّلة للتكامل، إنها الكفاح الذي يستند على القوة كما الضعف المولّد للعزيمة والإصرار على بلوغ المرغوب الذي لا يترك مجالا للتراجع ولا للخسارة. المرأة راهنت وانتصرت، كفاحها الأزلي سيتواصل إلى الأبد لأن القوة في الأنوثة وليس في ذلك تناقض، فالأنوثة قوة كما الذكورة لا تعني الخشونة أيضا، المرأة كما الرجل يحتاجان لبعضهما البعض وليس في الشرخ بينهما إلا توليد الضعف وفي وحدتهما قوة فوق قوة يصقلها الحب والاحترام المتبادل. فعلا إن المرأة رمز للحب الذي دفعها للقفز في المجهول بكل ثقة، مجهول الحياة التي صنعت منها لوحة نصر وانتصار رغم الصعاب والانتكاسات وبعض من التعثّر لكن المرأة الرفيقة هي من سهّلت الدروب التي خطتها البشرية والإنسانية لتصل إلى هذا العصر الذي يُعرف بالمساواة بين الجنسين رغم النقائص التي تصادف النساء عبر مختلف دول العالم. الحرائر الجزائريات نقشن أيضا على جدارية نساء العالم وتركن بصمتهن في مسار التحوّل النسوي عبر التاريخ الإنساني، إنهن المكافحات الثائرات اللواتي حققن مكاسب تعدّ ولا تحصى، إنهن المشرقات في عيدهم وفي كل أيام السنة وعلى مدار دورة الحياة. دمتن نساء مزهرات وورودا تُسقى بالحب والاحترام وكل عام وأنتن بمزيد من التألق والمكاسب.
بقلم: فريدة حسين