رزيق.. اقتصاد الحروف وتجارة الطاولات
تعكس خرجات وزير التجارة كمال رزيق مدى هشاشة الاقتصاد وعدم القدرة على التحكّم في العجلة الاقتصادية رغم جهود الدولة لتنظيم هذا القطاع، من خلال اتخاذ إجراءات وتدابير كثيرة، لكن الواضح أن الوزير المكلّف بالملف لم يستطع بلورة «خطة» لضبط المؤشر الاقتصادي بما يضمن الوفرة والسعر المقبول لدى المستهلك الجزائري، والدليل على هذا هو المقترح الذي قدّمه كمال رزيق، أول أمس، في مجلس الوزراء للسماح «استثناء» لأصحاب الطاولات للنشاط في رمضان من أجل كبح المضاربين والمحتكرين، في ظل عدم القدرة على ردعهم بالقانون لأن المتحكمين في لعبتي الاحتكار والمضاربة يتلاعبون ويتحايلون بشتى الطرق رغم الترسانة القانونية الموجودة لردعهم. ولأن الوزير وجد نفسه مضطرا لإيجاد حل - ولو مؤقت - لمراعاة التراجع الكبير الذي عرفته القدرة الشرائية للمواطنين بسبب تداعيات جائحة كورونا، اهتدى للاستنجاد بتجارة الطاولات ضمن ما يسمى بـ»الاقتصاد الموازي المكمّل للاقتصاد الرسمي»، لكن هذا أيضا دليل آخر على نقص السلع الاستهلاكية في السوق الوطنية الذي يرهق السلطات، خاصة وأننا على أبواب شهر رمضان الذي يكثر فيه الطلب. وتعكس هذه الخطوة اللجوء اضطرارا للفوضى الاقتصادية المنظمة في غياب الحلول الفعالة الناجعة على المدى الطويل، مما يدفع بالوزير في كل مرة إلى تبريرات «شعبوية» غير مقنعة حتى للمواطن البسيط وما بالك المختصين والعارفين بالاقتصاد، الذين انتقدوا حديثه، مؤخرا، عن إعداد مصالحه مشروعا لتعديل النصوص القانونية التي تمكّن المراقب التجاري من فرض عقوبات على أصحاب المحلات التي تحمل لافتات إشهارية مكتوبة بغير العربية، وكأنه طوي ملف أرقام الأسعار ليتحوّل إلى علاج قضية الحروف التي تُكتب بها واجهات المحلات، علما أن الاقتصاد أرقام وليس حروفا وقوته في مدى تنظيمه ليكون قادرا على التصدي لصدمات العرض والطلب، وتذبذب مؤشرات السوق الوطنية والدولية.
بقلم: فريدة حسين