«الأحزاب الوكلاء» وأزمة صناعة السياسيين
ماذا يعني تصريح رئيس المجلس الدستوري كمال فنيش بأن «الهدف من تكفل الدولة بجزء من نفقات المترشحين الشباب هو خلق جيل جديد من السياسيين»؟ هل يعكس هذا القول حجم التصحّر السياسي والحزبي في الجزائر؟ الجواب: «نعم، نعم ونعم». من المفروض أن تلعب الأحزاب السياسية في الساحات التي تتميز بالتعددية دورها الرئيسي المتمثل في صناعة السياسيين من خلال ضمان التنشئة السياسية الجادة والفعلية للمنخرطين تحت لوائها، لكن الواقع شيء آخر تُكشَف خباياه للعلن بالتزامن مع المواعيد الانتخابية، من خلال خروج «قادة» التشكيلات الحزبية بنداءات علنية من أجل استقطاب المترشحين من خارجها لملء قوائمها الانتخابية في ظل غياب كفاءات و»كوادر» من داخلها، ذلك أنها لم تقم بدورها في تنشئة وتكوين إطارات قادرة على خوض التجربة السياسية أو تولي مسؤولية ما في المؤسسات الدستورية والعامة. هذا الواقع المرير يجعل الأحزاب تظهر وكأنها شركات إنتاج تلفزيونية أو سينمائية تستثمر في قوة النجوم الذين تتعاقد معهم بمبالغ ضخمة ولا تكلّف نفسها عناء صناعة النجم تدريجيا، هذا ينطبق تماما على حركة البناء الوطني و»زعيمها» عبد القادر بن قرينة الذي أطلق دعوة لمن يرغبون في الترشح بقوائم حزبه في التشريعيات، المقررة في 12 جوان المقبل، من الفنانين والفلاحين وحتى أعضاء من منتدى رؤساء المؤسسات على غرار مندوب ولاية تيبازة معمر سراندي -حسب ما نقلته وسائل إعلام- ما يعني أنه عرض عليهم أن يكون «حزبا وكيلا» لترشحهم للحصول على مقعد في المجلس الشعبي الوطني.
في ظل عقم الأحزاب وعدم قدرتها على تقديم نخبة سياسية مؤهلة لقيادة المرحلة، وجدت الدولة نفسها مجبرة على العمل بقيادات تكنوقراطية وإطارات متحكّمة في شؤون الإدارة لتتبوأ المناصب والمواقع الحساسة في الجهازين التنفيذي والتشريعي، إلى جانب فتح المجال أمام ممثلي المجتمع المدني لتكوينهم وتحضيرهم لتحمّل مسؤولية المشاركة في صناعة الرأي وتسيير الشأن العام.
بقلم : فريدة حسين