بقلم: حميد آيت مزيان
وثيـــــــــــــقـــــــــة السمـــــــعــــي البصري.. خطاب للعقل
يدرك من اطلع على الوثيقة التي قدمتها، أول أمس، سلطة ضبط السمعي البصري، بمشاركة مثقفين وشخصيات دينية وعلماء اجتماع ومختصين في الإعلام، أنها وثيقة عقلانية ومهمة. بحيث اعتبرت أن البرامج المقدمة حاليا تعطي الأولوية للمسائل الفقهية والفتاوى على حساب الجانب الفكري والفلسفي في الإسلام. الأمر الذي أظهر على قنواتنا جحافل من الناس يخاطبون العواطف وليس العقل. شخصيا، اتفق تماما مع كل الأفكار التي وردت في هذه الوثيقة. فنحن بحاجة ماسة اليوم لخطاب ديني عقلاني يخاطب العقل وليس العواطف، ويقدم صورة إيجابية وعقلانية عن الإسلام، مثلما كان عليه الحال خلال السنوات التي سبقت الانتفاح والتعددية السياسية، حيث كان نفس هذا الخطاب الديني خطابا عقلانيا وفلسفيا، عبر ملتقيات الفكر الإسلامي التي كانت تسهر عليها وزارة الشؤون الدينية في عهد المرحوم مولود قاسم نايت بلقاسم. وحسب الوثيقة، فإنه لا يصح احتواء الإسلام في مجرد الرأي الفقهي العرضي «بل علينا إتاحة الفرصة للدين كي ينفتح على سائر مجالات الحياة حتى لا يسيطر على وسائل الإعلام السمعية البصرية خطاب اليأس والإحباط والقنوط والتعصب والطائفية والتشدد والكراهية والعنف والهذيان والتمييز العنصري وكراهية النساء ما من شأنه أن يقوض كرامة الإنسان». ومرة أخرى أقول إن هذه الوثيقة جاءت على شكل مرجعية وورقة طريق عقلانية بإمكانها أن تجعل القنوات التلفزيونية الخاصة تخاطب المواطن الجزائري من زاوية العقل، وليس من زاوية العاطفة. وهي وثيقة ذات بعد فكري وفلسفي كبيرين، جاءت في وقتها لكي تصلح الأضرار.