أعداء التعايش
ضرب أعداء التعايش بين المسيحية والإسلام مجددا وفي عمليتين، وقتلوا أكثر من ثلاثين شخصا إثر تفجير داخل كنيسة مار جرجس في مدينة طنطا شمال العاصمة المصرية القاهرة. الانفجار وقع إثر زرع عبوات ناسفة لاستهداف المسيحيين خلال توافدهم لصلاة الأحد، والاحتفال بعيد السعف المسيحية. أما العملية الثانية، فضربت محيط الكنيسة المرقسية في قسم العطارين بالإسكندرية، مما أدى، إلى مقتل ستة عشرة مواطنا، وإصابة واحد وأربعين آخرين. ويتضح مرة أخرى، أن أعداء التعايش في مصر يتحركون في اتجاه وضع حد لحالة من التعايش بين المسيحية والإسلام في مصر، بغية خلق حالة من الإحتقان، والفوضى والحرب الدينية التي لا تخدم أي من الطرفين بقدر ما تخدم الفوضى العارمة التي يريدونها للعالم العربي. ويريد هؤلاء، فرص حالة من الخصومة، والتناحر، والصدام في مصر، بعد أن فشلوا في السياسة، فتحوّلوا للعنف، وللأعمال الدموية. فمصر عرفت التعايش بين المسيحية والإسلام، منذ قرون، وكل محاولة لزعزعة الأخوة بين الأقباط والمسلمين، هو اعتداء على الإسلام نفسه، هو اعتداء على سماحته، وعلى ميله للتعايش مع الأخر. وغيرها من القيم الإنسانية الراقية التي جاءت بها الديانة الإسلامية. كل من اعتدى على التعايش، وعلى الحوار بين الديانات، يعتبر خارج الفضاء الإنساني، وهو بذلك يقوم بتهديم قيم انسانية يدعو اليها الإسلام في حد ذاته. مصر تعيش على التعايش، تقوم على خصوصية تاريخية يبدو أنها تزعج دعاة التطرف والتصور الأحادي. والتاريخ لن يسمح لكل الذين يريدون القضاء على هذا التعايش الذي برز منذ قرون.
بقلم: حميد آيت مزيان