عشرون عاما بعد رحيل الفنانة باية محي الدين
نيويورك تتذكر مؤسسة «الفن الخام»
يتواصل عرض لوحان أيقونة الفن التشكيلي الجزائري، الفنانة باية» برواق «غراي» في جامعة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بعد زن تم حفل الافتاح في التاسع جانفي الفارط فيما سيسدل الستار عن التظاهرة في نهاية الشهر الجاري، ويعد الحدث أول معرض دولي لصاحبته التي ظلت وفية لعالم اللوحات والإبداع وارتبط اسمها بأسمى ما نسج في الفن التشكيلي المحلي الذي صنفها في مرتبة الفنانين العالميين رغم أن المعنية لم تحاول يوما التشهير لنفسها.
لا تزال باية محي الدين تصنع الحدث عشر سنوات بعد رحيلها، فالمرأة التي خدمت الفنون الجميلة في بلدها وبإبداع ذات مقاس عالمي، ففي 2 مارس الفارط وتزامنا مع المعرض الذي تحتضنه جامعة نيويورك الأمريكية، نظمت ندوة حول أعمال الراحلة وإرثها الفني، حيث قال البروفيسور بمعهد الفنون الجميلة بنيويورك
«كانت مينتورن» إن لوحات باية تشبه كثيرا إنجازات الفنان الفرنسي جون دبوفي الذي كرس ما يسمى في مدارس الفن التشكيلي «الفن الخام»، هذ الرجل الذي عاش بين والذي عرف أعمال المرحومة باية محي الدين، قبل أن يربط العلاقة بين لقاءات الأخيرة مع كل من ماتيس، براك وبيكاسو بجنوب فرنسا بما تأثرت به في نسج الإبداعات التي خلدت ريشتها الفنية.
تطرقت منظمة المعرض نتاشا بواس، من جهتها إلى تأثير الجنس الأسود في أعمال العظيم بيكاسو وبعض المبدعين الزخرين، لكن الأكيد -كما أضافت- أن لقاءه بالفنانة باية أثر كثيرا في عمله ولعل إنجاز بعض اللوحات على غرار «نساء الجزائر العاصمة» خير مثال على هذا التأثير الفني.
بدوره، ربط البروفيسور عمر برادة التابع لمجموعة «كوبر يونيون» بنيويورك، إنجازات والرصيد الفني لباية بمجموعة «أوشم» التي تأسست في والتي كانت المرحومة أحد أعضائها، في هذه الحلقة الفنية للمبدعين والتشكيليين الذين جمعهم الثنائي «دوني-مارتيناز وشكري مسلي، بذلت باية العديد من الجهود للقضاء على الرداءة في الفن التشكيلي وتثمين الجمال في مختلف الأعمال.
ولدت باية في 12 ديسمبر ببرج الكيفان، يتيمة الأبوين منذ الولادة فربتها جدتها. في 1943 أخذتها سيدة فرنسية تدعى
«مارغريت كامينة» لتساعدها في أشغال البيت، وفيه شرعت باية في تشكيل تماثيل صغيرة لحيونات وشخصيات من خيالها فقط من الطين أعجبت صاحبة البيت بفنها فشجعتها ودعمتها بأدوات للرسم أهتم بها النحات الفرنسي جون بيرساك وعرض رسوماتها على أيمي مايغت.
عرضت أعمالها لأول مرة على الجمهور الفرنسي بباريس سنة 1947 ونالت أعمالها نجاحا باهرا أعجب الجمهور والنقاد لهذا الفن البدائي العفوي والساذج. كانت باية طفلة لم تتجاوز الثالثة عشرة عندما رسمت ما وجده الفنانون شيئاً رائعاً، رغم سذاجته وبساطته، فاهتم بها الفنانون حتى أن بيكاسو الفنان العالمي ( 1881 ـ 1973) طلب منها أن ترافقه ليعلمها الرسم، فبقيت برفقته عدة أشهر، استفادت خلالها كثيراً. نشرت مجلة «فوغ» صورتها بينما كان عمرها لا يتجاوز السادسة عشر. لتكتشف باية باريس وعظمتها، كما التقت بجورج براك من مؤسسي المدرسة التكعيبية عملت لبلدية في فرنسا أعمالا من الفخار. بعد عودتها إلى الجزائر، تزوجت بالموسيقار الأندلسي الحاج محفوظ محي الدين للتوقف عن رسم اللوحات مدة عشر سنوات. في 1963 اشترى المتحف الجزائري أعمالها لعرضها، تحت الإلحاح الحميم لمديرة المتحف باية تعود للرسم و لن تتوقف عن إلى غاية رحيلها منذ ذلك الوقت عرضت أعمالها في كل من الجزائر، باريس وبعض البلدان العربية. البعض من أعمالها محفوظ في لوزان السويسرية. توفيت باية بالبليدة يوم 9 نوفمبر 1998.
ز. أيت سعيد