الجمهور الوهراني تفاعل مع إبداع الممثلين فيها
مسرحية «سقوط» تنقل موضوع «الحرقة» إلى الركح
كان هواة الفن الرابع على موعد مع العرض العام، الخميس الماضي، مع مسرحية «سقوط»، من تأليف وإخراج الفنان الكبير محمد آدار، التي احتضنها المسرح الجهوي عبد القادر علولة، وتفاعل معها الجمهور على مدار ساعة من الزمن، باعتبار أنها تعالج موضوعا في غاية الحساسية.
يتعلق الأمر أساسا بظاهرة «الحرقة» بمفهومها الغامض، الشامل والأليم، التي أبحر فيها محمد آدار وغاص في أعماقها، ليكشف المعنى الحقيقي للمتاهة، من خلال قصة «سعدي»، واحد ممن استدرجوا إلى الغربة، الغياب والتهجير، وتألموا لفراق الأهل، الأحبة والديار، وتقاذفتهم الأمواج في عرض البحار، بعدما اختاروا وجهة المجهول، فكان الانهيار، التلاشي والضياع.
في الوقت الذي تبكي فيه «شريفة» زوجها سعدي بحرقة، الذي اختار «الحرقة»، يقع سعدي في صراع كبير مع ذاته، من خلال طرحه لأسئلة فلسفية، و مساءلة نفسه عما أقدم عليه...تتعالى الأصوات وسط فوضى الأحاسيس، ما بين العتاب و الندم، و الإصرار على مواصلة المغامرة، التي لم تعد تقتصر على الشباب فحسب، التي اصبحت هاجسا للنساء و الرجال و المثقفين، بغض النظر عن أعمارهم، ويظهر ذلك جليا في اختياره لشخصية تعدت مرحلة الشباب بكثير، وهنا أكد آدار على هامش العرض قائلا « لقد أصبح باب الهجرة مفتوحا على مصراعيه أمام الجميع حد المبالغة ... أوروبا ليست الجنة كما يعتقد الكثيرون، لقد تحولت «الحرقة» من ظاهرة إلى حالة مرضية خطيرة، يعاني منها المجتمع بأكمله اليوم، ما يؤلمني أكثر، هو رؤية هذا الطبيب، الذي تعلم وتخرج هنا، يقدم على الهجرة، ليستفيد من خبرته وكفاءته وعلمه بلد آخر».
يقول آدار أن المعالجة الدرامية لنص مسرحية «سقوط»، لم يعتمد فيها على الحوار، الذي كان غائبا تماما، بل فضل أن تعالج كل شخصية على حدة، موضوع الهجرة الذي كان قاسمها المشترك، من مواقع مختلفة، وهو ما جعل تركيبة هذه المسرحية، مغايرة كليا عن الأعمال التي أنجزها وقدمها محمد آدار من قبل، من خلال أربع لوحات في فصلين، مزج فيها ما بين المسرح الكلاسيكي والمسرح الشعبي، ربما يعتبر هذا، سابقة في أبي الفنون يقول المتحدث.
هكذا استعرض محمد آدار ظاهرة الحرقة، في مسرحيته الجديدة «سقوط»، التي أنتجت من قبل التعاونية الثقافية «بذور» التي يقودها، بدعم من صندوق الدعم التابع لوزارة الثقافة، حيث جسد الشخصية المحورية فيها، إلى جانب الثلاثي روميسة وخديجة ونورة، وكان مستشاره الفني الممثل المسرحي الطيب رمضان، كما شارك جعفر إبراهيم بصوته الذي كان يتخلل العرض، في حين عادت السينوغرافيا ليوسف، وتصميم الملابس لوهيبة، والإضاءة لحاج عباس، والموسيقى لزياني، في حين اهتمم عبد الرحمن، بالجانب التقني للخشبة.
ق.ث