تشكّل 52 بالمائة من القضايا المطروحة لدى مجلس الدولة.. زغماتي:
«الصفقات العمومية من الثغرات الكبرى للفساد بسبب ضعف الرقابة»
أكد وزير العدل حافظ الأختام بلقاسم زغماتي أن الصفقات العمومية تعتبر واحدة من الثغرات الكبرى التي استفحل من خلالها الفساد واستغلال الوظيفة العامة لتحقيق منافع خاصة وغير مشروعة عبر كل المراحل التي تمر بها الصفقات العمومية، من خلال التصور، التصميم، ودراسات الجدوى، إلى غاية إبرامها واستلام المشاريع «إن تم فعلا إنجازها».
أوضح وزير العدل حافظ الأختام، بلقاسم زغماتي، أن الجزائر خصصت طوال العقود الماضية موارد مالية كبيرة لإنجاز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأبرز الوزير خلال كلمة له بملتقى حول إشكالية نضج المشاريع وأثرها على منازعات الصفقات العمومية، أنه رغم كل ما تم تحقيقه من منشآت وإنجازه من برامج، لا يمكن لأحد نكران أن أموالا طائلة ذهبت هدرا وتم استنزافها دون طائل في الصفقات العمومية على حساب الأهداف المسطرة، موضحا أن الهدر الكبير للمال العمومي يتم عبر كل المراحل التي تمر بها الصفقات العمومية من خلال التصور، التصميم، ودراسات الجدوى، إلى غاية إبرامها واستلام المشاريع «إن تم فعلا إنجازها». وأضاف الوزير أن الصفقات العمومية واحدة من الثغرات الكبرى التي استفحل من خلالها الفساد واستغلال الوظيفة العامة لتحقيق منافع خاصة وغير مشروعة. وأكد زغماتي أن الظاهرة لم تكن لتحدث لولا ما وجدته من بيئة مواتية تتجلى في ضعف مؤسسات المتابعة والرقابة المتخصصة وضعف فعالية الآليات القانونية والمؤسساتية التي يمكن من خلالها تطويق الظاهرة ومعالجتها وتجفيف منابعها. وقال الوزير إن مراحل نضج المشاريع ظلت تسند لمكاتب دراسات خاصة وأصحاب المشاريع من الهيئات العمومية تمتلك إمكانيات تقنية محدودة وقليلة الخبرة، فضلا عن الضغط والتسرع من قبل الهيئات العمومية المكلفة بإنجاز المشاريع مما يؤدي عادة بعد انطلاق المشاريع وبلوغها مرحلة الإنجاز إلى عدم الانتهاء الكلي من مراحل نضجها، نتيجة اعتماد دفاتر شروط سطحية غير ملائمة، فتأتي المراحل الأخرى ضعيفة وهزيلة النتائج، بما في ذلك ما يلحق بمرحلة الإنجاز من نقائص وعيوب، ناهيك عن ظاهرة إعادة تقييم التكاليف الأصلية وتآكل الجودة بفعل عامل الزمن والعراقيل المالية والتقنية والتعطيلات المختلفة التي كانت سببا في التخلي عن كثير من المشاريع وإهمالها لاستحالة إتمامها بسبب تضخم قيمتها وعدم القدرة على تحمل أعبائها.
من جهة أخرى، أكد الوزير أنّ المنظومة المؤطرة للصفقات العمومية، عرفت الكثير من التعديلات لا سيما في العقدين الأخيرين، مشيرا إلى أن كثرة تعديلات المنظومة جعلتها غير مستقرة، قائلا إنه رغم وجود بعض التحسينات، إلا أنها ظلت غير قادرة على سد كل منافذ الضعف والفساد وتواصل هدر المال العام عبرها، وذكر على سبيل المثال عدم المساواة بين المتنافسين، وحجب المعلومات عن القادرين على الإنجاز والاستعجال وتفضيل مقاول على آخر بالإضافة إلى انتهاك سرية الأظرفة، والمبالغة في شروط الأهلية والاستثناءات الحصرية وكذا الإعلان في صحف صغيرة ذات مقروئية محدودة، مشددا على أنه أضحى السهر على ولوج المشاريع الاستثمارية حيويا بالنظر إلى تأثيره على مجريات الإنجاز وجودته قبل الإقبال على إبرام الصفقات العمومية التي أصبح تحسين وتطوير نظامها القانوني وإطارها التقني حسب المعايير المعمول بها دوليا من الرهانات التي يتعين على المعنيين تحقيقها، لاسيما أن الدستور الجديد قد أفرد الصفقات العمومية بعناية خاصة، حيث نص في مادته 139 على أن أمر تقنين القواعد العامة المتعلقة بالصفقات العمومية يعتبر من الميادين التي يشرع فيها البرلمان، وهو ما يعكس الأهمية التي يحتلها هذا الجانب ضمن المجهود الكلي لترشيد تسيير وحماية المال العام وتحقيق تنمية في كنف النزاهة والشفافية. من جهتها، قالت رئيسة مجلس الدولة، فريدة بن يحيى، إن إحصائيات منازعات الصفقات العمومية قبل وبعد التعاقد لا تبعث على الارتياح، مشيرة إلى أن المعدل السنوي للقضايا المطروحة عند مجلس الدولة بلغ نحو 52 بالمائة المسجلة فيما يتعلق بالصفقات العمومية، مشددة على ضرورة المساهمة في تشخيص الإشكاليات بكل موضوعية واستحداث التنويع، من منطلق الأهداف المرجوة.