بعد عامين من ترسيمه يوما وطنيا
الجزائريون يُحيون «يناير» والاحتفالات الرسمية من باتنة
يحتفي الجزائريون برأس السنة الأمازيغية «يناير» بعد عامين من ترسيم الحدث عطلة وطنية مدفوعة الأجر، كمكسب آخر للتصالح مع الهوية الجزائرية بأبعادها المختلفة، وذلك بعد سنوات من النضال من أجل تكريس هذا المطلب الرئيسي لاستكمال بناء أسس الهوية الوطنية.
وقع الاختيار على ولاية باتنة وقمم الأوراس للاحتفال برأس السنة الأمازيغية الجديدة 2971 ولعل المناسبة، هذه المرة، تأتي في ظروف مغايرة فرضها الحراك الشعبي بدستور أكد على عدم التفريط في الهويات وتثبيتها عوامل مؤسسة للشخصية الجزائرية في وطن يسعى للمّ شمل أبنائه ويرفض الاقصاء وأي شكل من أشكال الجهوية، والتركيز على الحريات والحفاظ عليها.
وكانت مسيرة النضال إلى غاية بلوغ محطة ترسيم «يناير» قد تكللت بإقرار الأمازيغية لغة وطنية في مارس 2002 قبل جعلها رسمية في 2016 تتويجا لتضحيات أجيال للذهاب قدما في مسار التصالح مع الأصالة، من الأزمة البربرية لعام 1949، أحداث الربيع الأمازيغي لـ 20أفريل 1980 ثم موسم مقاطعة الدراسة 1995-1994 وصولا إلى الأحداث المؤلمة للربيع الأسود.
وبعيدا عن الماضي الذي كان فيه الكثيرون يطالبون بتدريس اللغة الأمازيغية في المدارس عبر كل الولايات، بات الأن تعميم العملية هدف السلطات ولعل إصرار وزارة التربية على إدراج درس حول السنة الأمازيغية «يناير» في مختلف المستويات قناعة لترك النضال العلمي على الهوية الأمازيغية في أيادي الأجيال الصاعدة بعيدا عن المسيرات الشعبية في الماضي، لكون التحدي الحالي أكاديمي أكثر من أي تحد أخر، بإدراج الحروف الأمازيغية في التكنولوجيات الحديثة، الاختراع والبحث بها بعد أن تم بلوغ هدف كتابتها وصون تراثها وخباياها.
يرتبط هذا التاريخ، في المخيال الشعبي ولدى عدد من المؤرخين، بانتصار الملك الأمازيغي شيشناق على فرعون مصر وذلك أربعة قرون قبل الميلاد. وحيكت حول الحدث أساطير تختلف من منطقة إلى أخرى ترسخت في مخيلة سكان المنطقة ككل، بين القائل إن الأمازيغ يحتفلون به ليبارك موسمهم الفلاحي لارتباطهم بأرضهم فيما جاء في أسطورة ثالثة وهي الأقرب إلى الحقيقة، حسب عدد من المؤرخين في بلدان المغرب الكبير، وهي إنتصار الزعيم الأمازيغي شيشناق على رمسيس الثاني، فرعون مصر.
يبقى سعي المهتمين بهذه الثقافة مستقبلا إرساء أكاديمية تحتوي مختلف الاجتهادات والنضال العلمي الذي يمثله جيل من الباحثين والدكاترة عبر مختلف الأقطاب الجامعية التي وفرتها الدولة عبر ولايات باتنة، تيزي وزو، البويرة وبجاية، وفي انتظار تجسيد المشروع في الميدان، أمنية الكل أن يكون كل عام بمزيد من النجاحات والمكاسب لمكونات الهوية الجزائرية.
ز. أيت سعيد