في الجزائر.. التحرّش اللفظي ظاهرة مرضية تبدأ بالمجاملة وتصل إلى الاعتداء
لا «المحجبة» ولا «السيفيليزي» تسلم من تحرشات الشباب .. الصداع
فتيات يتسببن في زهق أرواح شباب وأخريات يجرونهم إلى المحاكم
أن تكوني محجبة أو دونه ...فلن تسلمي من التحرشات، فالشارع لم يعد يرحم والشباب المغلوب على أمره وأمام حالة الكبت التي يعيشها أغلب الشباب أو حتى كبار السن، فإنهم يضطرون لإفراغها في الشارع، فيتحرشون بأي فتاة تمر بجانبهم، ولا يقتصر التحرش على الشباب العادي، بل يطال حتى بعض المتدينين.
ارتفعت معدلات التحرش بالفتيات بشكل رهيب في السنوات الأخيرة. فلا يخلو أي شارع ولا «حومة» من هذه الظاهرة أو الممارسات التي أصبحت بما يشبه مهنة لدى الشباب خاصة البطالين منهم ويفرض على مسامع الفتيات سماع كل شيء بما في ذلك الكلام البذيء، وحتى كبار السن يؤكدون أن سلوكات الشباب في التحرش تغيرت في مجتمع، فبعد أن كانت عبارة عن نظرات أو إطلاق كلمات أغاني أو معاني تجعل الفتاة تبتسم رغما عنها، إلا أنها تحولت إلى كلام بذيء يمس بشرف الفتاة.
من يا «العدرة وين أماليك» إلى «واش عمري ما خصكش واحد أيحبك !»
تغيرت المصطلحات التي يطلقها بعض المتحرشين بالفتيات في الشارع من إسماعهن كلمات أغاني جميلة لفناني الشعبي الجزائري أو لمغنيين فرنسيين أو حتى لمشارقه، إلى إسماعهن كلمات بذيئة قد تجر الكثير منهم إلى أروقة العدالة، بسبب تغير القيم الأخلاقية في المجتمع، ولا تسلم من هذا الكلام لا المحجبات ولا السافرات، اللواتي قد يقابلن المتحرشين بهم أيضا بذات الكلام، فالأمر لم يعد حكرا على الرجال فقط بل حتى النساء أصبحن يتلفظن بالكلام البذيء.
التحرّش بالمحجبات ..كابوس يطارد الجزائريات
ظاهرة التحرش لاسيما في صفوف «المحجبات» أصبحت بمثابة كابوس يطارد الجزائريات، في سابقة لم يعهدها المجتمع الجزائري الملتزم والمحافظ، ما خلف خوفاً عند من ترتدي الحجاب من الطالبات والموظفات.
ويأتي انتشار معدلات التحرّش بالمحجبات على خلفية ازدياد معدلات الحجاب، رغم كونه أحد المحظورات المسكوت عنها والتي لا تجرؤ الجزائرية المحجبة على البوح به، خوفاً من الفضيحة والعار اللذين سيلحقان بها، ما حوّل الشارع إلى ساحة حرب أخلاقية نفسية مفتوحة بمختلف أشكالها سواء بالتلميح أو التعريض أو التجسيد الفعلي، ما عكس عمّق وجوهر الأزمة في المجتمع الجزائري.
وتعود أسباب التحرش بالمحجبات أصلا إلى الطابع الذي أصبح يأخذه هذا اللباس، من سراويل «جينس» ضيقة تظهر ملامح أجسادهن وتكون ضيقة في الكثير من الأحيان غير أنها تغطي رأسها بخمار، وفي كثير من الأحيان ترتدي من يدعين أنهن متحجبات «تنانير» قصيرة مع وضعهن للخمار أيضا، وهي محاولات للظهور بأنهن محافظات، وهو ما يفضله أغلب الشباب المقبلين على الزواج.
وأصبحت المتحجبة أكثر عرضة للتحرش وتغري الرجل أكثر من المتبرجة، مما يجعلها قلقة على أمنها الشخصي، مخافة أن يتحول التلميح والتعريض إلى تحرش جنسي.
رأي علماء الاجتماع في التحرّش بالمحجبات.. القيود الدينية تخلق نوعا من الهيجان لدى الشباب
تؤكد المختصة في علم النفس الاجتماعي (هند .م) أن «القيود الدينية تخلق نوعاً من الهيجان لدى الشباب ويتنوع ما بين الكبت والتزمّت والانفصال التام، مشيرة إلى أن منع الاختلاط بين النساء والرجال عند بعض المتزمتين يولد هذا الشعور ويتحول من خلاله «المتدين المقيد» إلى متحرش لا يفرق بين محجبة وغيرها، الأهم عنده إرضاء رغباته حتى لو بالتلميح، على حد تعبير المختصة.
واستطردت الدكتورة (هند .م) في القول: «ما يجري في مجتمعنا الجزائري من تحرشات بالمحجبات لا يمكن وصفه بالظاهرة، لكن لا يمكن إنكار وجود حالات تتعرض لهذا النوع من المضايقات اللا أخلاقية وغير القانونية بشكل شبه يومي»
عزيز محي الدين