تدّفقوا من "أليكانت" و"مارسيليا" على أرض الوطن بحثا عن "ريحة البلاد"
ميناء الجزائر يستقبل ألاف المهاجرين العائدين لقضاء العيد مع آهاليهم
يستقبل ميناء الجزائر يوميا منذ العشر الأواخر لرمضان مئات العائلات الجزائرية المهاجرة في عدّة عواصم من العالم، وازدادت هذه الحركية مع قرب عيد الفطر، "المحور اليومي" تنقلت إلى الميناء والتقت بعض العائلات، وسألتهم عن العودة لأرض الوطن.
جلّهم قدموا من "أليكانت" بإسبانيا و"مارسيليا" بفرنسا، بحثا عن الدفئ العائلي والنكهة الجزائرية احتفالا بعيد الفطر، محملين بالهدايا للأهل والأحباب، إذ كانت وجوههم تعبة من مشقة السفر والصيام لكن تطبعها فرحة عند أول خطوة تطؤها أقدامهم إلى أرض الوطن، إنه الشوق والحنين، فبعض العائلات لم تدخل الوطن منذ عشر سنوات، وبعضها تعود على قضاء آخر أيام رمضان والإحتفال بالعيد يوميا كل سنة مع والديه.
"اشتقت لـ "الكسكسي" الذي تطهوه أمي صباح العيد"
"جمال.ح" شاب فاق الأربعين سنة، وجدناه يحمل حقائبه بسيارته قادما من "مارسيليا"، تحدث لنا في الموضوع قائلا: "أنا وفي كل سنة أحضر لقضاء شهر رمضان في البلاد لكن هذه السنة ظروف عملي منعتني من ذلك ولم أستطع أخذ عطلة إلا هذا الأسبوع، فهممت إلى تحضير حقائبي وحجزت في أول رحلة إلى الجزائر الحبيبة لأقضي الأسبوع الأخير في بيتي العائلي، صحيح أن "مارسيليا" موطني الذي عشت فيه منذ أكثر من 20 سنة ولا ينقصني شيء، لدي أحباب وأصحاب وجل العائلات الجزائرية تفتح لي أبوابها، فالأيام الفارطة من شهر رمضان لم أشغل فيها الموقد في بيتي، فكانت كل يوم تستقبلني عائلة جزائرية لأفطر عندها، تطبخ لي أشهى المأكولات، لكن الحنين إلى موطني الأصلي وبركة أمي تأتي بي، ولو زحفا على الأقدام إذ لا يمكنني أن أفوت "كسكسى" أمي صباح العيد ولا حلوة "اللمبوط" ولا غضب إخوتي علي لأن الهدايا لم تعجبهم وإلى اهتمام أخواتي البنات وإلى صلاة أبي إلى آخر ساعات الليل".
"على أولادي التعرف على الطقوس الدينية لوطنهم"
السيد "مجيد لعرج"، مغترب قادم من الأراضي الإسبانية مكث بها حوالي 30 سنة، تزوج بامرأة إسبانية دخلت الإسلام على يده وله شابتان في مقتبل العمر وولد صغير، يقول في الموضوع، "هذه أول مرة أزور فيها الجزائر بعد غياب طويل لأن أبي وأمي متوفيان، ولم يبق لي غير أخ وحيد في "البلاد"، لم ننقطع عن الإتصال بيننا وكان يزورني في بعض الأحيان، أتعلمين أن السنوات مرت بسرعة، ووجدت نفسي بعيدا أنا وأولادي عن طقوسنا الجزائرية وتعاليم ديننا الحنيف، صحيح أن زوجتي أسلمت فهي تصلي وتصوم لكنها لا تستطيع أن تعلم أولادها شيئا وبحكم عملي تعذر علي أن أعلمهم، فهم يصومون احتراما لي أو خوفا مني، لا يصلون ولا يتكلمون لغة بلدهم، لهذا قررت أن أجلبهم هذه السنة ليحتكوا بعائلاتهم فيأخذون منهم عاداتهم وتقاليدهم الأصيلة وسنة بعد سنة ستترسخ في أذهانهم ويتعلقون بها وينتمون إليها لأن مشاريعي المستقبلية تقتضي مني شراء بيت في بلدي والإستقرار فيه، فأنا أريد أن أموت على هذه الأرض وأن أدفن إلى جانب أمي وأبي.
طالبات يلتحقن بعائلاتهن من أجل العيد
"نيهاد"، "ماريا"، "ليلى"، طالبات جامعيات أتين من مارسيليا إلى الجزائر للإحتفال بعيد الفطر ضمن أجواء عائلية حميمة بعد سنة من الدراسة والبعد عن الدفء العائلي، ففي كل سنة يأتين في مثل الوقت ليقضين بعض الأيام من رمضان فتحتفلن بالعيد ويستمتعن بعد ذلك بزرقة المياه ودفء البحر ثم يعدن إلى مزاولة دراستهن خارج الوطن. ورغم تعدد الأسباب التي جعلت كل مغترب يبتعد عن أرضه وعائلته ليختار أرضا غريبة وعادات بليدة أجبرته عليها ظروفه التعليمية القاهرة، إلا أن الحنين والشوق لا يخلو من قلب أي مغترب، فالكل دعاه الحنين إلى الوطن.
جليلة.ع