بكل صراحة
تزوجت سريعا فأحبطــــت سريعــــا
سيدتي صفاء..أنا شابٌّ متعلم ومتدين من بجاية، أتممت دراستي الجامعية وسافرتُ إلى أوروبا لدراسة الماجستير. فكَّرْتُ في الزواج لأني أحتاجه، ولأتبع سُنة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لكني لم أرغبْ في الزواج مِن بلاد أوروبا، وآثرتُ أن أختار من دشرتي ، على أن تكونَ ذات خُلُقٍ ودينٍ.
ذهبتُ إلى إحدى الفتيات، ورأيتُها وأعجبني أدبها وشكلها مَبدئيًّا، وخطبتُها مِن أهلها، وجلستُ معها يومًا واحدًا، ثم سافرتُ بعد ذلك إلى أوروبا.
كنتُ أتواصَل معها بشكلٍ يوميٍّ، وظل التواصُل مدة، ثم حددتُ موعدَ الزواج، وتزوجتُ. وبعد الزواج شعرتُ بأني تسرَّعتُ كثيرًا في الزواج منها؛ فهي ليستْ كما أريد، ليستْ على قدْرٍ مِن الجمال، مع العلم أني وسيمٌ جدًّا، وفوجئتُ بأن الصور التي كانتْ تُرسلها لي كانتْ مُعَدَّلة بالكمبيوتر.
وجدتُها فتاةً عاديةً شكلًا والتزامًا، فليستْ صاحبةَ الْتزامٍ كبيرٍ كما كنتُ متوقِّعًا، فهي فتاةٌ عادية جدًّا، تُصلي الصلوات اليومية، وهي حاصلة على شهادة جامعية وأنا دكتور جامعي .
أحسستُ بإحباطٍ شديدٍ معها، وأشعر أني مخنوق مِن زواجي بها، مع أنها تُحاول أن تكونَ لَطيفةً معي، وتُحاول أن تسعدني بشتى الطرُق، وأنا أُظهر لها سَعادتي كذبًا داخليًّا لستُ مرتاحًا معها، وهي تُلاحظ هذا الشيء، بسبب تفكيري المستمر
مما زاد إحباطي أني رأيتُ تشوها في جسمها بعد الزواج في منطقة حساسة مِن جسدها، مع أنها أخبرتْني قبل الزواج به، لكنني لم أكن أتوقَّع أن يكونَ بهذا الشكل
لا أريد أن أظلِمَها معي، ولا أتقبَّلها، أخبروني ماذا أفعل؟
م.من بجاية
الرد:
أخي العزيز
تُعَدُّ السنة الأولى مِن سنوات الزواج الحَرِجة؛ لأنها حياةٌ جديدةٌ، وشريكٌ جديدٌ، وأغلبُ حالات الطلاق تقَع في هذه السنة؛ لأن الزوجين في الغالب تكون لديهما تصوُّراتٌ ذهنيةٌ، وقد يُفاجَآن بواقعٍ مغايرٍ، وسوف تظهر شخصيةُ الشريك الحقيقيةُ من غير براويز وإطارات، فيشعر الشريك بالصدمة، ويُفَكِّر في أنه أخفق، ويُفَكِّر أحيانًا في الانفصال
ويُخطئ مَن يُفَكِّر في اتخاذ قرار انفصال سريع؛ فكلا الزوجَيْنِ له بيئتُه وحياتُه التي تعوَّد عليها، وله شخصيته الخاصة، ويحتاج فترةً حتى يتكيَّفَ مع شريكه الجديد ويفهمَ طبيعته.
أخي الكريم، هناك أولوياتٌ يُرَتِّبها الرجلُ فيمَن يريد الارتباط بها، فما هي أولوياتك للزواج؟
الجمالُ أولًا – مثلًا - ثم الدين، ثم العلم، ثم المال، ثم الأدب، رتِّبْ قائمةَ أولوياتك، وانظرْ أكثرهم أهميةً عندك.
قد تجد جمالًا باهرًا، لكن لا تجد معه دينًا وأدبًا وعلمًا، وقد تجد علمًا ولا تجد معه جمالًا، وقد تجد دينًا وجمالًا، ولا تجد علمًا.
أتساءل أخي الكريم، هل هي قبيحةٌ؛ يعني: لا تستطيع النظَر إليها؟ لا يبدو أنها قبيحةٌ، وإلا لما كنتَ وافقتَ عليها منذ اللحظة الأولى، والجمالُ له أهميةٌ كبيرةٌ عندك!
ثم هي تُحِبُّك، فانظرْ إلى قلبك أمعقولٌ لم يشعرْ بشيءٍ تُجاهها؟! أعطِ قلبَك مُهْلَةً ليشعرَ.
تقول: أخبرتْني بأنَّ لديها حرقًا في جسدها، وهي مشكلةٌ تُؤَرِّقُها، ولهذا أخبرتْك، لكنك لم تكترثْ، فماذا تفعل هي؟ هل نلومها على أمرٍ ليس بِيَدِها؟!
العلم تطوَّر أخي الكريم، وأنت في أوروبا، فلماذا لا تعرضها على أطباء عندك يُعالجونها مِن هذا الحرْق؟ وسوف تعود كما كانتْ سليمةَ الجسد - إن شاء الله.
تذكَّرْ - أخي الكريم - أنَّ النقْصَ سِمَةٌ بشَرِيَّةٌ، فلا تبتَئِسْ، ولا تتوقعْ أن تجدَ أناسًا كاملي الصفات؛ فتلوم نفسك، أو تلوم الفتاة، بل استمتعْ بالحياة التي رزقك الله إياها، وبالحلال الذي بين يديك، عِشْ معها المحبةَ والفرَح، ولا تُنَغِّصْ حياتك وحياتها.
الجمالُ في الداخل، فانظرْ إلى قلبك وقلبِها، هي المرأة التي أحبَّتْك واختارتْك مِن بين خلْقِ الله لتكونَ رفيقَ دربها وشريك حياتها، الجمالُ في الرُّوح أولًا. أخي الكريم، أسألك وكنْ مَوْضُوعِيًّا في إجابة نفسك: هل أنت كامل؟ ألا يُمكن أن تكون زوجتك وجدتْ فيك نقصًا ما، أو سلوكًا غير محببٍ،
تأكَّدْ أن الصورةَ الخارجيةَ سوف تعتاد عليها مع الوقت، ولو تزوجتَ ملِكَة جمال سوف تعتاد جمالها، وتُصبح عادية عندك، ويبقى جوهرُ الرُّوح والقلب والخلق والعقل.