مصالي الحاج والوجه الآخر للتاريخ
تواصل «المحور اليومي» نشر ما ورد في التقرير الذي بعث به مصالي الحاج للمؤتمر غير العادي الذي انعقد في 14- 15و16 جويلية 1954 بهورن ببلجيكا بقاعة السنيما ماجستيك، والذي شارك فيه 380 مندوبا، شرح فيه مصالي الحاج جدور الأزمة التي عاشها حزب حركة انتصار الحريات الديمقراطية، والذي قرأه نيابة عنه «مولاي مرباح» لأن مصالي الحاج كان آنذاك في منفاه بمدينة نيور منذ 14 ماي 1952 .
..وفي شهر مايو الماضي، التحقت بنادي السينما في «نيور»، وبمناسبة عرض الفيلم الثوري «بوتمكين» تحدثت شارحا مشكلة شمال إفريقيا أمام جمع كبير من المستمعين، وفي نهاية العرض قام خمسة من المعلمين والمعلمات مع أطفالهم وذويهم بتوزيع منشور أمام كل دور السينما وفي كل أنحاء «نيور». منشورا أعده نادي «زيمروالد» للاحتجاج ضد نفيي وضد السياسة الاستعمارية، وبمناسبة عيد الفطر، دعوت أهالي «نيور» المتعاطفين معي إلى تناول الشاي، استعرضت من خلاله المشكلة الجزائرية يوم 13 جوان. واستقبلت مختلف وفود مناضلي فرنسا، بلجيكا، القاهرة، تونس، والجزائر، والمدرسين والسياسيين والمحاضرين وممثلي الحركات النقابية مثل الزميل «هبار» الأمين الإقليمي للقوة العمالية، والذي عزم بعد الاتصالات معي أن يسافر إلى تونس مع لجنة تحقيق (أف-أو)، وعند عودته أجرى تصحيحا صحفيا ذو قيمة سياسية ونقابية واقتصادية كبرى.
واستقبلت الكثير من الأشخاص الذين سافروا الى الجزائر وقدموا لي تقريرا بعد عودتهم، واستقبلت محامين وأجانب وامتد نشاطهم إلى منطقة «دو-سافر» كلها وحتى منطقة «بواتيي»، وكل هذا النشاط الكبير الذي امتد سريعا إلى «لي زأردان» والمنطقة الباريسية وبلجيكا وغيرها، اقتضى مصروفات تحملتها على حسابي الخاص، حيث لم يتقرر تخصيص ميزانية له ولو أنها صغيرة بالنسبة لسائر المصروفات.
لو اعتبرنا هذا النشاط يعادل على الأقل نصف نشاطات اتحاد فرنسا الفيديرالي، وأني أقوم به وحدي من غير سكرتير. ولكي أختتم ما يخصني، وما كنت أود أن أسكت عنه لألخص ما أجبرت على أن أقوله لإثبات الحقيقة، فإني أذكر صدى بسيطا لكل هذا النشاط، صدى تذكرته في اللحظة الذي كنت في أمس الحاجة إليه، أريد أن أتكلم عن دلالات العطف والمودة التي أتت من كل الأنحاء بمناسبة وفاة المأسوف عليها السيدة مصالي. وأني أريد أن أتوقف هنا في هذا الفصل لكي أذكر أولئك الذين لا يعرفون أن سياستي بالأمس ستكون سياستي اليوم وغدا، وسوف تكون مطابقة لخط سياسة الحزب مع الشروط التي لا يمكن بدونها الكلام عن الوطنية والتحرر الوطني، أي الهدوء والحزم والحكمة السياسية، وبالأخص روح التضحية. وفي هذا الفصل الخاص بالأفكار والرجال في أثناء الأزمة، درسنا بنوع خاص سلوك الأفراد المنعزلين، ونختم هذا الجزء بإبداء وجهة نظر المحايدين.
..يتبع
ياسين بن جيلالي