الحلقة 13 _ ابرهاردت وتفاصيل الجريمة
ووصولا إلى مكان النزاع، وبين رجال متلحفين بأقنعة سوداء وبيضاء اللون متأثرة في حراكها بفعل الرياح، وفي وضعية تدافع في حديثهم ومجادلاتهم بعنف.. بينما آخرون في جلستهم القرفصائية وأيديهم على السيوف والخناجر والمناجل والبنادق تحسبا لأي طارئ... وفي وسط الدوار هناك نساء متلحفات بالأسود والأزرق في نواح وهن يلطمن وجوههن حول جثة مغطاة برداء أسود عليه دم لزج... وبين الحين والآخر تنبعث أصوات من أفواه الرجال كلها تهديد ووعيد لقبيلة (زيراث زرزور) لإحداث مجازر بها انتقاما لمقتولهم... وقبيلة (زيراث زرزور) تقع غرب مكان تواجدنا وعلى مسافة كيلومتر على حافة واد واسع .
ولمعرفة التفاصيل تقدم الشيخ الفقيه بحيويته وعاطفته الجياشة لاستقبالنا والبندقية بيده وراح يسرد لنا ما جرى بقوله:
ـ هذا الصباح صبي من قبيلة ( زيراث زرزور) والمسمى علي بن حفيظ جاء عندنا رفقة أخيه محمد لبيع نعجتين لابني خوجة... والتقيا مع واحد منا حمزة بن بارك الذي كان في خلاف مع عائلتهما,, منذ أمد بعيد وكانوا الثلاثة على هذه التلة خارج الدوار ثم وقع شجار بينهم وعلي بن حفيظ ضرب حمزة بهراوة هشم له بها رأسه.. وهاهي أمامكم الجثة؟ وكل القبيلة وإضافة إلى أربعة رعاة من قبيلة ملول شاهدوا وقوع الجريمة لكن عليا وأخاه هربا عبر الواد، وحاليا عشيرتي تريد الأخذ بالثأر والانتقام وقد تحدث مجزرة في قبيلة (زيراث زرزور) .. وفي الظرف الذي كان الشيخ الفقيه يحدثنا حينها اقترب منا رجال بنظرات تنم عن الانتقام والغضب، وأسلحتهم بأيديهم، وفي هالة من الترقب والاستماع لنا ودون أن ينبس ولا واحد منهم بكلمة,, وحينها كان الصمت مخيما على كامل الدوار باستثناء نواح وصرخات النساء من حول جثة القتيل... وما أن انتهى الشيخ الفقيه من جملته الأخيرة وإذا بالضجيج والصخب والمجادلات العنيفة تعود من جديد إلى واجهة الحدث الأليم......
ومن جهته الشيخ علي الفقيه يحاول عبثا تهدئة رجاله من قبيلة الحجاج وإسداء النصح لهم، والتصرف بحكمة وتعقل.. وفجأة أسمع مسنا مظهره يشبه الطير يجيبه بازدراء .
ـ أنت شاب يا سي علي ولا تعرف ثمن الدم ..؟
وفجأة يتفرق البدويون في كل اتجاه ويسيحون في الواد للوصول إلى قبيلة (زيراث زرزور) بغية الانتقام. والسبايسية و(الدايرة) يلاحقونهم بهتافاتهم.. فعلا الجو كان يسوده التوتر فكل كان مسلحا.. وقد تنقلب الأمور إلى ما لا يحمد عقباه لحساسية الوضع ..
وفي هذا المشهد الصاخب وتحت سماء منخفضة ورمادية اللون وفي مهب الرياح الشديدة. وأخيرا تم الالتفاف من حول القبيلة ويتم القبض على اثنين أو ثلاثة قيدهم بالسلاسل وبعدها تبدأ التحقيقات... وفارسان من السبايسية يتجهان للبحث عن مرتكب الجريمة...؟